Tuesday, May 3, 2016

"بيروت مدينتي" ما لها و ما عليها د. ايلي أبو عون – بيروتي منذ أكثر من 44 سنة مستقل و غير حزبي

"بيروت مدينتي" ما لها و ما عليها
د. ايلي أبو عون – بيروتي منذ أكثر من 44 سنة مستقل و غير حزبي

تكثر التعليقات حول مبادرة "بيروت مدينتي". و في حمى الانتخابات تكاد لا تجد الا من يؤيد المبادرة حتى الموت أو من ينعتها بأبشع الصفات. على عادتي افضل النظرة الموضوعية في الامور السياسية خاصة في زمن الاستقطابات العمياء. ان مسار المبادرة منذ اطلاقها أسس لحالة لا يمكن التنكر لها حتى و ان هزم جميع مرشحي "بيروت مدينتي" في الانتخابات.

أولا لا بد من الثني على الخيار الاستراتيجي الذي تبناه القيمون على المبادرة و المتمثل بحصر أهداف المبادرة في مواضيع بيروتية و انمائية بحتة دون الانحراف الى ما فعله سابقا مجاميع أخرى من الناشطين حينما مزجوا بين مواضيع انمائية-خدماتية (كموضوع النفايات مثلا) مع مواضيع سياسية (كشكل النظام السياسي). و الايجابية الثانية تكمن في خيار تحديد الأولويات دون الوقوع في خطأ التوسع في وضع الأهداف و الولوج الى مواضيع مشتتة و غير قابلة للتحديد.

و يبدو, على الأقل حسب أدبيات المبادرة المكتوبة و الظاهرة اعلاميا أن القيمين لم يتبنوا مقاربة "شيطنة" الأحزاب و السياسيين كما فعل أسلافهم في الأشهر و السنوات الماضية. و هذا موضوع أساسي لان الحياة السياسية لا تقوم و لا تستقيم دونما أحزاب. ضرورة اصلاح اطار ممارسة الأحزاب للعمل السياسي في لبنان لا يجوزأن يؤدي الى شيطنة الأحزاب و المحازبين كما رأينا سابقا.

أهداف المبادرة جيدة جدا و مهمة للعاصمة و أهلها و لكنها تفتقر الى توضيح أمرين مهمين:

1-   اليات التنفيذ في ظل ثغرات قانونية جمة و نقص في الموارد البشرية و المادية. من السهل وضع أهداف و لكن اليات التنفيذ هي التي اما تقنع الناخب المتردد او لا تقنعه. فلا أحد يمكن أن يعترض على أهداف المبادرة (أو على الأقل 90% منها) اما العقدة تبقى في التنفيذ. حتى هواة السياسة يعلمون أن طرح أفكار جيدة لا يكفي الا اذا اقترن بخطة تنفيذ واقعية تأخذ في عين الاعتبار المحددات السياسية و المادية و غياب الموارد البشرية كما و سبل التصدي لمحاولات التعطيل من المتضررين من أي عملية تغيير. و هذا ما لا يبدو واضحا في مبادرة "بيروت مدينتي".
2-   رغم أن الصفة الطاغية للمرشحين هي عدم الانتماء السياسي (العلني على الأقل) الا أن أغلب مقترحات المبادرة تتطلب تعاونا مع قوى حزبية و سياسية و دينية, و كما ذكرت سابقا يسجل للمبادرة عدم شيطنة هذه القوى الا أن ما هو غامض هو المقاربة التي سيعتمدها الفائزون من اللائحة مع القوى السياسية. هل السكوت عن هذه القوى هو مؤقت لعدم استعداء الناخبين أم ينم عن قرار استراتيجي بانشاء اليات تعاون ايجابية مع بعض الأحزاب و القوى من أجل تفعيل العمل البلدي؟

اتمنى أن يقوم القيمون على المبادرة بتوضيح الأمور المذكورة. في كل الأحوال لا بد من التأكيد على ايجابية المبادرة و المؤشرات بانه تم تصميمها بناء على دروس مستقاة من تجارب سابقة و هو أمر نادر في لبنان. لا بد من النظر الى هكذا مبادلرات من منظار ايجابي و تفاؤلي. في الحد الأدنى تحاول المبادرة ارساء اسس جديدة للعمل البلدي في بيروت و هذا بحد ذاته ليس بقليل. تمتلك هذه المبادرة عدة نقاط قوة لا تمتلكها اللائحة المنافسة الأساسية (البيارتة) كما تفتقدها اللوائح و المرشحين الأخرين.


بيروت في 2 ايار 2016

No comments: